آل خليفة.. التطبيع مقابل الصمت عما يجري في الداخل!
يمانيون – متابعات :
مسيرة أكثر من عقدين من العلاقات السرية الغير معلنة قد شارفت على الانتهاء لتبدأ مرحلة جديدة عنوانها التطبيع العلني مع الكيان الإسرائيلي، تشير الأحداث والتسريبات إلى وجود قرار بحريني بوضع ملف التطبیع على نار حامية، أما الأسباب والمبررات، الداخلية والخارجية، التي تدفع آل خليفة في البحرين لتنفيذ هذه الخطوات وبهذا الشكل فهذا ما سنحاول الإضاءة عليه في مقالنا الحاضر.
يهدف حمد بن عيسى آل خليفة من هذه الخطوة تحقيق أهداف على مستويين، الأول داخلي مرتبط بالمعارضة البحرينية الداخلية والثورة التي تتهدد حكمه منذ سنوات، والثاني خارجي مرتبط بالعلاقة مع الشقيقة الكبرى السعودية في جزء منه وبالمجتمع الدولي الداعم للكيان الإسرائيلي في جزء آخر.
قبل الخوض في تشريح الأهداف التي يريد حمد تحقيقها من الجيد الإشارة إلى ما نقلته صحيفة التايمز البريطانية منذ يومين عن وجود خطوات جدية من قبل دول خليجية تمهيدا للاعتراف بإسرائيل. هذه الخطوات انطلقت بعد الدعوة التي أطلقها حمد والتي يدعو فيها لإنهاء المقاطعة العربية للكيان وکل هذا حسب الصحيفة.
هذا الكلام القديم الجديد يؤكد المؤكد وهو أن حمد حزم أمره وأخذ الضوء الأخضر لإطلاق عملية التطبيع مع الكيان الإسرائيلي. تطبيع سيكون فاتحة للدول الخليجية وحتى العربية الأخرى التي لا تزال محرجة من هكذا خطوات. أو لنقل أن الظروف إلى اليوم ليست ملائمة لاتخاذ مثل هكذا خطوات.
وبالعودة إلى الأهداف التي يحاول حمد من خلال توجهه هذا تحقيقها، فداخليا يعتقد حمد أن السبيل الوحيد لشراء صمت الدول الكبرى عن الانتهاكات التي تقوم بها حكومته اتجاه المعارضة البحرينية الداخلية إنما يمرّ عبر استرضاء هذه الدول بصفقات اقتصادية وتجارية من جهة ومن جهة أخرى استرضاء الولد الأمريكي الغربي المدلّل أي إسرائيل.
حمد تمكن إلى اليوم من شراء صمت الدول الكبرى عن سياسة القمع والحصار الذي ينفذها بحق معارضيه، حتى سلب المواطنة بات أمرا يستخدمه النظام البحريني لمواجهة المعارضة السلمية في الداخل وسط صمت دولي مريب.
المجتمع الدولي لم يكتفي بالصمت فحسب بل زاد في تسليحه لهذا النظام وهو يؤمن غطاء من الشرعية له عبر أساليب رخيصة كالإبقاء على مسابقات الفورمولا واحد الرياضية التي من المفترض أن تتوقف بسبب سوء الأوضاع الاجتماعية واللاديمقراطية التي تعيشها الجزيرة الخليجية.
يُذكر أن اللوبيات الصهيونية التي تمتلك تأثيرا كبيرا في القرار الغربي لعبت دورا مهما في الإبقاء على مسابقات الفورمولا واحد في البحرين إلى اليوم. هذه اللوبيات كانت ولا زالت مفتاح حمد من أجل كم أفواه الغرب المتحضر.
الهدف الخارجي، في حقيقة الأمر هو هدف مرتبط بالإرادة السعودية الشقيقة الكبرى والحاكمة الحقيقية في البحرين. فالكل يعلم أن حمد لا يمتلك أدنى الحرية في اتخاذ قرارات بهذا الحجم دون إذن سعودي واضح وصريح. إذا فهو ينفذ حاليا أجندة سعودية كاملة تهدف لاسترضاء المجتمع الدولي وعلى رأسه أمريكا من خلال التطبيع مع إسرائيل.
السعودية ولأسباب تتعلق بعدم توفر الظروف الداخلية المناسبة شعبيا. ناهيك عن الواقع الذي تحاول تكريسه إسلاميا كقطب أول في العالم الإسلامي يجعلها حذرة في هذه المرحلة من العلاقات العلنية مع الكيان. ولذلك نجدها بدأت بفتح قنوات اتصال وتنسيق غير علنية من جهة وأعطت الضوء الأخضر لدول تدور في فلكها كالبحرين لبدأ مرحلة العلاقات العلنية مع الكيان الإسرائيلي.
طبعا حمد صرح في وقت سابق أيضا ما مفاده أن إسرائيل هي القادرة على حماية الدول العربية المعتدلة من تهديدات العدو الإيراني كما يحلو لهم وصف إيران. هذا يؤكد مقدار الوهم الذي يعيشه حمد ومن خلفه آل سعود حيث يظنون إسرائيل التي بات مسؤولوها يؤكدون أن كيانهم أضعف من أن يشكل تهديدا لإيران هي الحامي الوحيد لهم في العالم وبالتالي استرضاءها وتطبيع العلاقات معها أمر ضروري.
العجيب في الأمر أن حمد ونظامه لا يكتفي اليوم بالحديث عن التطبيع وحسب بل يزيد التوغل في الانتهاكات للمعارضة الداخلية.
هذه المعارضة التي ترفض أي شكل من أشكال المهادنة مع الكيان الإسرائيلي فكيف بالتطبيع؟
المتوقع اليوم أن تشتد اجراءات النظام البحريني ضراوة بحق الثورة البحرينية بهدف اخمادها وسط صمت دولي ليس مستغرب، ولكن السؤال هل سيستطيع حمد ونظامه تحمل انضمام فئات بحرينية جديدة للمعارضة بسبب نهج التطبيع الذي يظن أنه وسيلة النجاة الوحيدة له ولنظامه؟