اليمنيون أولى من غيرهم بعاشوراء !
عباس السيد
برر بائع القات ارتفاع السعر بانقطاع شارع المطار الذي جرى فيه إحياء ذكرى عاشوراء .. وانتظر مني مشاركته سخريته من المناسبة وإحيائها . لكني تجاهلت رغبته حرصا مني على حصر علاقتنا في إطارها الأخضر .
السخرية من عاشوراء ، ليست حكرا على صديقي المقوت ، فهناك الكثير ممن يشار إليهم كمثقفين ، وممن يدعون المدنية والحداثة يشاركون المقوت نفس الموقف .
البعض يختزلها مكانيا وطائفيا وزمنيا ، وكأنها قصة من ألف ليلة وليلة . ويذهب آخرون لاعتبارها طارئة ودخيلة على اليمن ولا علاقة لها بثقافة اليمنيين وتراثهم الفكري والسياسي .
وكلتا النظرتين تعكسان قصورا في الوعي وجهلا مركبا بالدين والسياسة والتاريخ ، وبأهمية عاشوراء كمحطة ثورية يجب أن تظل متقدة على الدوام ، فالظلم والطغيان والاستبداد يتجدد ويتناسخ ، ولا بد لعاشوراء أن تتجدد وتتكرر هي الأخرى .
ليس للظلم والاستبداد جنسية ولا طائفة محددة ، كذلك الحال بالنسبة لعاشوراء ، ليست خاصة بطائفة أو جنسية . عاشوراء منهج ، خارطة طريق للمستضعفين من شعوب العالم . ولأنها كذلك ، تم تغييبها عن كتب التراث والتاريخ والمناهج الدراسية في كثير من الدول الإسلامية ، وتعرضت للتشويه .
تلك هي عاشوراء من حيث شمولها وعموميتها الإنسانية والمكانية والزمانية . أما علاقتها باليمنيين ، فهذه حكاية أخرى تعكس مدى التعتيم والتجهيل بتراثنا وتأريخنا ، ودور آبائنا في صناعة التاريخ العربي والإسلامي والإنساني بشكل عام .
ولمن يستنكر على اليمنيين إحياء عاشوراء ، وينفي علاقتها بثقافة وفكر اليمنيين نقول :
اليمنيون أولى من غيرهم بإحياء ذكرى عاشوراء . نعم ، نحن أولى بها من غيرنا . فقد كان أكثر من نصف الذين قاتلوا مع الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء من أهل اليمن . ومن جملة مائة ونيف هم شهداء الطف ، أكثر من ستين شهيدا منهم يمنيون ، من قبائل همدان ، مذحج ، كندة . من الأصابح ، من أرحب ، من حضرموت ، وكل مناطق اليمن ، بينهم الحارث بن إمرئ القيس .
عندما أذن الإمام الحسين لـ ” بشر بن عمرو الحضرمي ” بالإنصراف ، قال بشر : أكلتني السباع حيا إن فارقتك .
وقال خالد بن عمرو الأسلمي : صبرا على الموت بني قحطان .. كيما نكون في رضا الرحمان .
وخاطبت ” ديلم ” زوجها زاهر بن القين البجلي : أنت تقاتل مع إبن المرتضى ، وأنا أواسى إبنة المصطفى .
اليمنيون الذين اختاروا الوقوف في معسكر الإمام الحسين ، لم يكونوا مرتزقة ، لم يكن مع الحسين مالا ولا وعدهم بمناصب ومغانم ، كما هو الحال في المعسكر الآخر . اختار اليمنيون الوقوف مع الحق ضد الباطل . وكانوا يدركون أنهم سيقتلون ، لكنهم ـ كما كان يدرك الحسين نفسه ـ فضلوا الموت دون موت مبادئهم ، مبادئ الإسلام الحق .
صحيفة الثورة
aassayed@gmail.com