رجال الإمارات ينفضّون عنها.. طفح الكيل!
يمانيون – تقارير – صحيفة الأخبار اللبنانية
لا يقتصر فعل الانتقام الإماراتي على الشخصيات الدينية والسياسية والإعلامية المعارِضة، مبدئياً وجوهرياً، لأبو ظبي، بل بات يطاول كل من يرفع رأسه في وجه «الحاكم الإماراتي» بأمره، احتجاجاً على تعيين هنا أو دعم مالي هناك أو معركة محدودة هنالك. من هؤلاء، وأحدثهم، قائد الميليشيا المعروفة بـ«كتائب سلمان الحزم»، قاسم الجوهري. هذا الأخير يقود مقاتلين من اليمنيين الجنوبيين المقيمين في السعودية منذ ما قبل الحرب. دُرِّبَ أولئك المقاتلون في منطقة شرورة قبل أن يُدفع بهم إلى عدن في حزيران 2015، حيث شاركوا في معارك رأس عمران، ومن ثم في معارك المخا.
ترفض السلطات السعودية، اليوم، السماح، للراغبين من «كتائب سلمان» بالعودة إلى ممارسة أعمالهم السابقة في المملكة، بل إنها تمنع جرحى هذه الميليشيا من تلقي العلاج في مستشفياتها. أما الإمارات، فتذهب أبعد من ذلك في عملية «نزع القفازات» البالية. لم تكتف أبو ظبي بوقف المخصصات المالية عن مقاتلي الجوهري، بل عمدت إلى محاصرة معسكر الدفاع الساحلي الذي يقوده الأخير بتهمة استخدامه السلاح الثقيل ضد طيران «التحالف»، وأقدمت على احتجاز الجوهري لمدة يوم كامل قبل أن يُطلق سراحه بوساطة من قيادات أمنية جنوبية.
السبب وراء ذلك، انحياز الجوهري إلى محافظ عدن الجديد، عبد العزيز المفلحي؛ لتحدرهما من المنطقة نفسها (يافع)، وتسليمه إياه وثائق تُبيِّن سعي المحافظ السابق، عيدروس الزبيدي، ومدير أمن عدن، شلال علي شائع، المحسوبَين على الإمارات، إلى إخلاء مبنى النادي الدبلوماسي في عدن، والذي تسيطر عليه «كتائب سلمان»، لمصلحة أحد أقرباء الزبيدي.
تمرّد كان مثيله قد أطاح، في أيار 2017، القائد السابق لميليشيا «الحزام الأمني» في عدن، نبيل المشوشي، الذي رفض التدخل في اشتباكات مطار عدن الشهيرة (شباط 2017)، متعللاً بأنه «لا يوجه سلاحه إلى صدور الجنوبيين»، الأمر الذي فُهم لدى الإماراتيين على أنه اصطفاف إلى جانب القوات الموالية للرئيس المستقيل، عبد ربه منصور هادي، وحَمَلهم بالتالي على إقالة المشوشي وتعيين منير اليافعي (أبو اليمامة) بدلاً منه.
مصير مشابه آل إليه من يوصف، من قبل العارفين بشؤون «المقاومة الجنوبية»، بأنه «مؤسس نواة المقاومة» في خورمكسر بعدن، سليمان الزامكي. أبدى الزامكي، مبكراً (أيامَ المعارك ضد الجيش واللجان الشعبية في عدن) نوعاً من «التمرّد» على الأوامر الإماراتية، رافضاً الانسياق لأبو ظبي في كل ما تأمر به وتنهى عنه. والنتيجة؟ تُرك مقاتلوه من دون غطاء جوي وسط ساحة المعركة، ما أدى إلى تشتتهم، فيما أصيب هو بجروح خطرة نُقل على إثرها إلى القاهرة.
أما النائب الأول لمدير أمن عدن، القيادي في «المقاومة»، أبو مشعل الكازمي، المناوئ لأبو ظبي، فقد رُسمت حول وجوده دائرة إماراتية حمراء، بعدما وجه اتهامات إلى «التحالف» بإعادة إطلاق مطلوبين في قضايا إرهابية كان قد أُلقي القبض عليهم، علماً أن الكازمي هذا كان قد استُهدف، إبان الحملة الأولى التي أطلقها «التحالف» في أبين (عام 2016)، بغارة «خاطئة» كما قيل حينها، أدت إلى مقتل عناصر حراسته وإصابته هو بجروح.
وإلى جانب أولئك الذين قلبت لهم الإمارات ظهر المجن، يبرز اسم القيادي في «مقاومة عدن»، أحمد الإدريسي، الذي كانت موكلة إليه مهمة تأمين الميناء. استفزّ الإدريسي، ومعه القيادي الآخر في «المقاومة»، أديب العيسي، الدعمُ الإماراتي اللامحدود للسلفيين، مقابل «التقتير» على الجنوبيين، ما حمله على اعتراض موكب لقيادات إماراتية كانت في طريقها إلى معسكر «التحالف» في البريقة، والطلب إليها الاجتماع بقيادة «التحالف». لم تكد تمرّ فترة وجيزة على تلك الحادثة حتى قُتل الإدريسي على يد القيادي في تنظيم «القاعدة»، أحمد لزرق، كما راج حينذاك. المفارقة أن لزرق هذا جرت تصفيته إلى جانب قيادات أخرى في التنظيم، في منتصف أيلول/سبتمبر الماضي، على يد قائد ميليشيا «الحزام» في أبين، عبد اللطيف السيد، في ما عدّه مراقبون محاولة للتستر على تورط جهات في «التحالف» ومسؤولين في دعم الجماعات المتشددة وتوظيفها.
محاولة كانت قد تجلت مثيلتها، قبيل نحو سنة ونصف سنة، عندما عمد الحاكم العسكري الإماراتي، وفق رواية مصادر موثوقة في عدن، إلى ترحيل قتلة الشيخ السلفي، المحسوب على مدرسة الفيوش، عبد الرحمن العدني (الذي كان التخلص منه مصلحة إماراتية بامتياز)، إلى أبو ظبي، عبر طائرة حربية خاصة، ليصبح مصيرهم، إلى الآن، طيّ المجهول.