وثيقة قديمة: مراقيم من آل الأحمر تهجر الهاشميين في شهارة وتعتبرهم من أبناء المناطق التي يقطنون فيها
الهاشميون ليسوا عصبية ولن يكونوا نوفمبر ٢٠١٠م
يندر في التاريخ البشري أن توجد عصبية قائمة على السلالة لأن البشر جميعهم بدياناتهم ومذاهبهم وأعراقهم ينتمون إلى سلالة واحدة أًصلها آدم -عليه السلام- ولهذا يجد الأب لخمسة أولاد صعوبة أن يجعلهم في عصبية واحدة أو اتجاه واحد.
قد تنشأ عصبية جغرافية كالأكراد في شمال العراق، والأفارقة في جنوب السودان والحراك في الجنوب، وكالقبيلة في اليمن، وهي عصبية لا تقوم على السلالة وإنما هي عصبية جغرافية ترتكز على المصالح ومتطلبات الأمن والحماية والدفاع عن حقوق أعضاء القبيلة والمنطقة والتي قد تتكون من أعراق متعددة ومذاهب مختلفة، بل وديانات أخرى، فالقبيلة اليمنية مثلاً تتكون من القحطاني والعدناني وذوي الأصول الحبشية والفارسية والتركية وتضم الشافعي والزيدي والوهابي والمكرمي والمسلم واليهودي، وكلهم جزء من القبيلة حقوقهم وأمنهم مسؤولية القبيلة كلها، وكم من قتال قد نشب بين قبيلة وأخرى حين تم الاعتداء على يهودي بكيلي أو حاشدي، وحين اندلعت حرب صعدة حاول إعلام السلطة العنصري وبالمساندة من أقلام سلفية وطائفية متخلفة تحويله إلى صراع طابعه سلالي، حينها وجه الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر -رحمه الله- رسالة إلى قبيلة حاشد محذراً فيها من المساس بأي من سادة حوث ومن الهاشميين هجرة حاشد وأمامي وثيقة كتبها الشهيد الشيخ حسين بن ناصر الأحمر قبل سبعة وخمسين عاماً (ربيع الثاني سنة ١٣٦٨هـ )يجدد فيها مراقيم أجداده التي تنص على تهجير السادة آل المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم الساكنين بشهاره وما إليها وأينما كانوا وذلك أًصالة عن نفسه ونيابة عن كافة رجال حاشد، وفي نفس الوثيقة يقول «المذكورون هم من حاشد وحاشد منهم عند كل حاجة وإنا جميعا يد واحدة».
وهكذا بالنسبة للهاشميين، ولكل الأعراق في جميع المناطق اليمنية هم جزء من عصبيتها الجغرافية، فالهاشمي من إب هو هاشمي إبي ومن حضرموت حضرمي، ومن تهامة تهامي، ومن تعز تعزي، ومن صعدة صعداوي، ومن مأرب ماربي، وهو من بكيل بكيلي، ومن مذحج مذحجي، ومن يافع يافعي، ومن الضالع ضالعي، وحتى على مستوى الأحزاب والمنظمات عبد الوهاب الديلمي إصلاحي، ويحيى الشامي اشتراكي، وطارق الشامي مؤتمري، والمضواحي ناصري، وفي العصبية الطائفية الهاشمي بين الزيود زيدي وبين الشوافع شافعي، وبين الوهابيين وهابي، وبين المعطلين معطل، وبين المكارمة مكرمي، وبين الحنفية حنفي، وبين الجعفرية جعفري، وكل هاشمي في هذه العصبيات المتعددة ولاؤه لطائفته، فالجامع هو الفكر، ولهذا تجد الهاشمي الزيدي أكثر ولاء للقحطاني الزيدي من ولائه للهاشمي الوهابي.
السلالة لم تكن أبداً عاملاً أساسياً في تكوين العصبية إلا في حالة واحدة حين تستهدف مجموعة معينة لا لفكرها ولا لمذهبها ولا لمواقفها وإنما لسلالتها هنا تستفز غريزة البقاء والدفاع عن النفس والتي يشترك فيها البشر مع كل المخلوقات الأخرى، وحينها لم يعد لدى المستهدفين فيها خيار، إلا ركوبها، فإذا كان بإمكانه تعديل أفكاره وآرائه فإن من المستحيل عليه تغيير سلالته والتي لم يكن له خيار فيها ولا هو قادر على خلعها، ومن الطبيعي أن يتجمع البشر عند مواجهة الخطر، فلو افترضنا أن سيلا وعدوا هجم على حارة من الحارات سيخرج كل أهل الحارة لصده رغم ما بينهم من خلاف واختلاف..فهل من مصلحة اليمن أيها الصربيون جر الهاشميين إلى هذا المربع الخطر؟
مشكلة الحكم العصبوي المتخلف أنه يسعى إلى تحويل المجتمع كله إلى عصبيات متناحرة ليجلس هو على أشلائها، ولا يقلق النظام العصبوي إلا حين يسود السلام والوئام أفراد المجتمع، ولهذا فإنه يعمل بكل همة على دعم كل خلاف وتنمية كل صراع بين أفراد المجتمع ويمول المتصارعين بالسلاح من مخزن واحد ويضيق إذا رفع أحد شعار التصالح والتسامح. وحين رفع في الجنوب هذا الشعار لأول مرة قامت قيامة النخبة الحاكمة ولم تقعد.
شعار الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية والحكم الشوروي الديمقراطي والتصالح والتسامح، والقبول بالآخر هو خارطة الطريق لكل مواطن صالح بصرف النظر عن سلالته، أو جنسه، أو مذهبه، أو دينه، أو قبيلته، أو حزبه، أو منطقته.
وصدق الله القائل: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
الصورة تجمع اﻻمير علي بن سيف الإسلام ابراهيم ابن اﻻمام الشهيد يحيى حميدالدين حفظهم الله (يسار الصورة) والدكتور الشهيد محمد بن عبدالملك المتوكل رحمة الله عليه (يمين الصورة)
الدكتور محمد عبدالملك المتوكل رحمه الله