البنيان المرصوص … عندما تنبت الأرض رجالا
حمير العزكي
تحت سماء مقدسة ظلت تنانين الشياطين تنتهك قداستها وتغتصب سحبها الصافية وتختطف بارق خيرها لتتساقط من أفواهها المشرعة حقدا و همجيةً نيرانُ الموت الغبي وصواريخ القصف العابث ، وفوق أرض اعتادت أن تسكن غزاتها باطنها ، وكلما ارتوى ظاهرها بدماء الكبرياء والإباء أنبتت رجالا ، ومازالت تقتسم مع الشهداء الحياة والرزق لتضيف الى عمرها مالا يحصى من الحيوات ومالا يعد من أرزاق تضمن لأجيالها المتعاقبة عزة النفس وكرامة العيش مهما استبد بها الطغاة وأطبق عليها حصار العزة .
تحت تلك السماء والأرض الحميرية ، يتجلى عطاء وبهاء وهدى وفداء المسيرة الحيدرية ، فترتاح الجبال وربما ترغب في أخذ قيلولة بعد أن اطمأنت على ثبات ما حولها من اليابسة بوجود ( البنيان المرصوص ) الذي جاوزها طولا و خرق كل معاهدات الانبطاح والانحناء لعواصف رعناء وحزم أجوف وأمل مكسور ناموسه مهدورة قواه وطاقاته منثورة كالحبة السوداء على الصحراء البيضاء جماجم نعاجه وحمره الوحشية المستأجرة .
من ( الصف ) يتخلق (البنيان المرصوص ) و (قد سمع ) الله نبض قلوبهم المؤمنة والمطمئة وصرخات أفواههم الثائرة المتبرئة ورأى ارتفاع أكفهم المتولية له ولأوليائه ، وفي ذات الصف الذي لم يلتفت لما يدور بعيدا عنه من (المجادلة ) ولم يعر ما يثيره (المنافقون ) من زوبعات فارغة حول أمور أعلن (الطلاق ) البائن لها و (التحريم) المطلق للانشغال بها ورأى (التغابن ) فيها ليس في قائمة أولوياته كما تراه النفوس (الممتحنة ) بالدنيا والنفوس المملوكة للشيطان ، وكم يتألق وهو يرتل انتصاراته كتسابيح على مآذن صنعاء القديمة ضحى (الجمعة ) ، وكم تتجسد عظمته في ميادين الملاحم الأسطورية في عملية (الحشر) الى جهنم لفلول الغزو والارتزاق .
أخبروا بوتين أنه لم يعد بحاجة الى تحذير قادة العالم من الموافقة على خلق جنود معدلة وراثيا لا تعرف الخوف والألم، لأن الله خالق كل شيء قد خلقهم على ثرى هذه البلاد ، ولا حاجة لمزيد من البحث والتجارب الوراثية لأن ذلك غير مجد، فهنا على هذه الأرض رجال لا تعرف الخوف بل تهزأ به وتسخر منه ولا تشعر بالألم بل تستعذبه وتعاقره شغفا وتنتشي بمذاقه وتطرب لأنين يصاحبه كمسبحة في كف ناسك دائم الذكر والاستغفار، دون ان يخضعوا لأي تعديل وراثي ولا نفسي ولا فكري وإنما استعادوا الضبط الافتراضي وعادوا للفطرة القويمة .
يوميا يرتقي من ساحات الشرف الى سماوات الخلود العديد من الشهداء العظماء ويوميا تتضاعف وتيرة القتل ويحكم الحصار قبضته بالفقر والجوع والمرض ويوميا تدمع العيون وتئن القلوب وتضيق الصدور ، ومع كل ذلك يوميا ينطلق من تحت الركام كالعنقاء ويولد من رحم المعاناة بكل إباء رجال الرجال ملتحقين بعرائن الأسود لتلقي التدريب والتأهيل ويوميا تضاف لبنة صلبة ترفع من جدار البنيان بتخرج الدفعات المقاتلة المجاهدة .
يتعاظم ويتعالى هذا البناء اليماني حارسا وحاميا لكينونة ومصير وجوده فيتقزم أمامه سور الصين العظيم وتتحطم عليه ترسانة أسلحة الأمريكان المفتخرة ، فيمضي وهامته لا تبالي بتلك الطائرات المنهكة وفي فمه صرخة ترعب المستكبرين وعلى صدره العلم الوطني يتوشح بعليائه وكبريائه وتحت أقدامه أعلام الكيان الصهيوني والأمريكي يدوسون عليها ومعها سياسات ومخططات الهيمنة والاحتلال بأحذيتهم ويعلنون انتهاء أزمنة التبعية والوصاية وبداية زمن الكرامة والسيادة في هذه الأرض التي تنبت رجالا .
المصدر : صحيفة الثورة