السعودية تهرب إلى الأمام .. واليمن يخرج من تحت عباءة النفوذ الأمريكي (تحليل)
صلاح القرشي
لماذا قامت السعودية وتحالفها بإغلاق المنافذ البحرية والبرية والجوية بشكل كامل؟ألم يكفي ما قاموا به ؟ ، وما يعني هذا من منع المساعدات الأممية الإنسانية للنازحين من الدخول، ومنع هبوط طيران الأمم المتحدة في مطار صنعاء في خطوة تصعيدية كبيرة ولها انعكاسات خطيرة على معاناة المواطنين اليمنيين وتعتبر جريمة حرب ضد الإنسانية تهدد حياة مصير حياة الملايين من الشعب اليمني، بالفناء والمجاعة ، لأن الإغلاق التام يعني عدم دخول المواد الغذائية بكافة أنواعها ، والأدوية ومستلزماتها ، والمشتقات النفطية وغيرها.
إن الأقدام على هذه الخطوة تشير إلى التعثر الكبير من قبل الأمريكيين والإسرائيليين والبريطانيين والسعوديين والإماراتيون في الحرب على اليمن لأنهم يستطيعون تحقيق النصر خلال ثلاث سنوات ، رغم ما تم استخدامه من سلاح يعتبر الأكثر تطورا في العالم في هجومهم العسكري الجوي والبري والبحري والحصار الاقتصادي ومنع تدفق الأسلحة للجيش واللجان الشعبية من الخارج خلال الفترة السابقة ،
بل إن السعودية أصيبت بهزيمة كبيرة ولو أنها غير معلنة في هذه الحرب لكنها محسوسة ومشاهدة (انظروا إلى تداعيات فشلها في اليمن على جبهتها الداخلية ، وما يحدث من تصدع في جدار نظام حكم الأسرة السعودية ، ناهيك عن تكبدها خسائر في هذه الحرب في جنودها وضباطها وعتادها ، وخسارة مكانتها وهيبتها الإقليمية والدولية، وثقة شعبها في قيادتها وجيشها ، بالإضافة إلى ما تكبدته من تكاليف مالية ضخمة كان نتائجها كارثية على اقتصادها ، وصولا إلى التصدع الكبير في تحالفها ، وتعرض مجلس التعاون الخليجي للتفكك والسقوط ، وتعثرها في مواجهة أزمتها مع قطر ، وتراجع نفوذها بل هزيمتها في ملفاتها في العراق وسوريا ولبنان ، وكل هذا كان من تداعيات فشلها في حربها على اليمن )
، ولا داعي للخوض بالتفاصيل أكثر بما ارتكبه تحالف العدوان على اليمن من جرائم ومجازر بحق المدنيين وضرب البنى التحتية للدولة اليمنية وتدمير معظم مكونات الاقتصاد اليمني خلال السنوات السابقة فالجميع يعرف ذلك ، ووصول تحالف العدوان إلى فشل ذريع في تحقيق أهم أهدافه من الحرب وهو اجتثاث التنظيم الحوثي(كما قال عسيري في أول مؤتمر صحفي له في بداية العدوان) .
حركة أنصار الله الذي أطاحت بأدوات السعودية وأمريكا في اليمن ، والذي ترفض بقاء اليمن تحت الوصاية السعودية وتحت عباءة الهيمنة والنفوذ الأمريكي ويرفض بقاء اليمن ضمن المحور السعودي والأمريكي والصهيوني السابق .
والذي تراها أمريكا وإسرائيل أمراً خطيراً على مشاريعهم وخططهم الإجرامية الاحتلالية والاستعمارية للمنطقة، وتهدد استمرار بقاء أمريكا متفردة على رأس النظام الدولي الأحادي القطبية ، بالإضافة إلى قلق الإسرائيليين والرعب الذي ينتابهم من خروج اليمن من تحت العباءة الأمريكية والسعودية ، وتكون قوة في اليمن معادية لإسرائيل ومصالحها ، وخاصة مع ما تتمتع اليمن من موقع جغرافي هو الأهم في العالم ، وما يتمتع من موارد مادية وبشرية تؤهله كدولة قوية وكبيرة تمارس دورا في المنطقة معادٍ لها ولوجودها في فلسطين المحتلة ، خاصة وأن حركة أنصار الله وثورة 21من سبتمبر تنطلق من مشروع قرآني يستنهض همم الأمة وشبابها ، وتفعيل القيم والمبادئ الإسلامية ‘وسط المجتمع ، والذي يعتبر إسرائيل وأمريكا وعملاءهم في المنطقة العدو الرئيسي للأمة ،
السعوديون والأمريكيون يعرفون جيدا أن الخيار العسكري في الحرب في اليمن سقط ويصعب تحقيقه ، لكن خيار التسليم باستقلال اليمن وتحت قيادة الجيش واللجان الشعبية ، والاحتكام للخيار السياسي يرونه كارثة على استمرار حكم أسرة آل سعود كقائدة للمحور الأمريكي في المنطقة وبقائها ، وعلى أمن ووجود إسرائيل ، وعلى خسارة أمريكا لأهم موقع جغرافي وسياسي في المنطقة ، والذي سيؤدي إلى تداعيات عليها وعلى مجال نظام التوازن الإقليمي والدولي التي تقوده.
لذلك قرروا ارتكاب أكبر جريمة في اليمن تتجاوز العرف والقانون الدولي بقواعد اشتباك للحرب جديدة وغير مسبوقة، ويتمثل بوجوب استهداف الكتلة الصلبة للجيش واللجان الشعبية (حركة أنصار الله) وفكفكة الجبهة الداخلية كآخر ورقة تتضمن في طياتها القتل لملاين البشر ،
أولاً _الخنق الكامل للشعب اليمني من خلال إغلاق المنافذ والذي سيؤدي إلى تذمر شامل وقوي من الشعب حسب ما يعتقدون ضد أنصار الله لأن هذه الخطوة ستؤدي إلى ارتفاع بالأسعار وشح السلع ، بعد أن فشلت ورقة إيقاف المرتبات في أحداث المفعول الذي كانوا يتوقعونه ، وحتى لو تسبب هذا الخيار في قتل عشرات الآلاف من المدنيين أو مئات الآلاف.
وثانيا _ القصف البشع وبعنف يتجاوز عنفهم السابق لهذه الكتلة الصلبة في مزارعهم وقراهم وقتلهم بصورة عشوائية وبشعة في كل مكان ، بهدف دفعهم للتخلي عن تأييدهم للجيش واللجان الشعبية.
ثالثا _ العمل و بكل الوسائل على شق الصف الجبهة الداخلية لكل القوى المتحالفة مع أنصار الله والجيش واللجان الشعبية ، الذين أعلنوا ووقفوا ضد العدوان ، وتحويلهم كقوة معادية لأنصار الله.
وطبعا نحن نعلم أن هذه الخطوة الإجرامية لن تفرق مع الأمم المتحدمة ومنظماتها في شيء ، ولن يغادروا موقفهم منها مربعاً أبدأ القلق كما حاربناهم لثلاث سنوات ، لان موقفهم مرتهن للإرادة الأمريكية التي تبارك هذه الخطوات الإجرامية السعودية بل تدعمها وبكل قوة.
الأمريكيون والإسرائيليون يقفون خلف الموقف السعودي التصعيدي وتحالفها ، ويعلمون أن المجلس السياسي والجيش واللجان الشعبية لن يسكتوا على الخطوات الإجرامية ضد الشعب اليمني ، وقد يلجأون إلى خيار ضرب كل المنافذ البحرية والمطارات والأهداف الاستراتيجية النفطية والاقتصادية والعسكرية للسعودية والإمارات ،بل قد تتعدى ذلك إلى مهاجمة كل السفن السعودية والإماراتية في البحر الأحمر ومع ما يحمل ذلك من تداعيات إقليمية ودولية ، وهذا يعتبر حقا مشروع للقيادة اليمنية في حماية شعبها من الفناء والمجاعة. كما صرح بذلك الناطق الرسمي لأنصار الله .
فالشعب اليمني يملك أكثر من خيار ولن يقف مكتوف الأيدي يتفرج ويموت من الجوع ، وتحت مبرر حماية (السلم والأمن الدولي) والممرات البحرية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن قد يكشر العدو عن أنيابه أكثر ويدفع بالمزيد من قواته،.
وعليه سينتقل الشعب اليمني بقيادة الجيش واللجان الشعبية وحركة أنصار الله إلى المواجهة المباشرة والفاصلة وجها لوجه مع قوى الظلم والاستكبار العالمي ، في معركة وحرب استثنائية قد قدرها الله سبحانه وتعالى كما اعتقد ، واتخذ من الشعب اليمني وباركه كقوة لمقارعة الباطل والوقوف في وجه الطغيان العالمي الظالم والمتكبر.
قال الله تعالى ( له ملك السماوات والأرض والى الله ترجع الأمور)
لكن الحرب لن تكون محصورة في اليمن، بل كل المنطقة مقبلة على حرب شاملة وتصعيد ، من اليمن إلى لبنان وسوريا والعراق تقودها أمريكا ضد حزب الله أيضا ومحور المقاومة ككل ، وهذا ما سنتناوله في مقال لاحق بالتحليل.