لقيادة التحالف .. 100ساعة تكفي للخروج من اليمن .. بدلا من الموت فيها
تقرير – إبراهيم الوادعي
لاتزال مفاعيل الصاروخ اليمني الذي أصاب مطار الملك خالد في الرياض يؤلم الخاصرة السعودية، ليس لكونه الأول الذي يضرب المملكة التي تخوض عدوانا على اليمن منذ 3 سنوات، بل لكونها تقف على مشارف مرحلة كانت تذهب بعيدا لعدم تصديقها استخفافا بالطرف الذي تحاربه، ومواصلة في طريق الإنكار لمتغيرات شهدها اليمن منذ 21 سبتمبر 2014م وأصبح غير الذي عرفته الرياض عبر أدواتها لنحو 50 عاما من السيطرة الفعلية عبر أدواتها ولجانها الخاصة – باستثناء فترة بسيطة إبان الرئيس إبراهيم الحمدي الذي جرى قتله بطلب سعودي وفقا لمعلومات متواترة بهذا الخصوص – اليوم هذه الأدوات قابعة في الرياض خائرة وعديمة الحيلة رغم المليارات التي دفعت واستنزفت الخزينة السعودية، 200 مليون دولار حجم النزف للميزانية السعودية يوميا على الحرب في اليمن وفقا للكاتب السعودي جمال خاشقجي.
وبشكل أو بآخر يكشف خاشقجي عن مدى استخفاف السعودية في اتخاذ قرار الحرب في اليمن، ولحوق الجميع بمركب تأييد الحرب، كحالة عامة آنذاك، ويقول في مقال على الواشنطن بوست إنه كان من مؤيدي الحرب على اليمن وكذلك الجميع في المملكة، الى ان وصل بالقول إلى أن هذه الحرب طالت وأضحت تهدد المملكة وتستنزف ميزانيتها بنحو 200 مليون دولار بحسب مصادر موثوقة وفق تأكيداته.
شركة راثيون الأمريكية لصناعة الأسلحة وجدت نفسها مضطرة إلى الخروج على وسائل الإعلام للدفاع عن جودة أسلحتها في ميدان الحروب، – في احدى الحالات النادرة تخرج شركة أسلحة للدفاع عن جودة الصناعة الأمريكية -، ودافعت بأن أنظمة الباتريوت التي زودت بها السعودية أسقطت نحو 100 صاروخ أطلق ” أنصار الله ” معظمها على السعودية، وبغض النظر عن مدى مصداقية هذا الكلام للشركة الذي يمكن تصنيفه في خانة الدعاية المضادة للباتريوت وأنظمة الدفاع الأمريكية التي تتزود بها الإمارات والسعودية في مواجهة شركات الأسلحة الروسية.
فإن الشيء الواقعي الذي يمكن أخذه من كلام شركة رايثيون وهو أن 100 صاروخ باليستي قد أطلقت من اليمن، وأن الإنكار السعودي لبيانات القوة الصاروخية اليمنية السعودية مثل كذبا وخداعا دوليا.
وبالمثل فإن التشكيك بإعلان الجانب اليمني والقوة الصاروخية اليمنية إصابة هذه الصواريخ لأهدافها، هو يطال أيضا فرضية اسقاط هذه الصواريخ، وأنها لم تصب أهدافها كما أعلن ذلك الجانب اليمني وتكتمت عنه الرياض برغم تكذي شهود عيان محليين و مغردين على موقع تويتر.
بعد ألف يوم من الحرب، تبدو الرياض أكثر ضعفا في مواجهة اليمنيين، وإن كانت تريد الايهام بغير تلك الصورة، والتأكيد على احتفاظها بمظهر المحارب القوي، فانعقاد الحلف الإسلامي العسكري الذي شكلته في ديسمبر من العام 2015م بعد عامين من تشكيله ،تقريبا بحجة مكافحة الإرهاب، تبدو حجة واهية، وتاتي في مشهد مغاير للمعلن عنه، على مستوى المنطقة، خاصة بعد القضاء على داعش وانحسار مشهد الإرهاب في سوريا والعراق والمنطقة إجمالا.
لسنا في وارد التشكيك بأن حادث سيناء الإجرامي ارتكب لتبرير انعقاد هذا الحلف والتغطية على حروب بن سلمان في اليمن وماقد يقدم عليه تجاه لبنان ، وفي هذا السياق فلفظ القوة الغاشمة الذي أتى به السيسي في خطابه عقب الحادث وحاولت الرئاسة المصرية تبريره وتوضيحه كان مقصودا.
الأولوية لدى النظام السعودي والملك الصاعد محمد بن سلمان هي حرب اليمن وكيفية ربحها، لتقوية أوراق اعتماده ملكا لدى واشنطن كرجل كسب نقطة في وجه ايران، وهذا الأمر مسيطر على هواجسه ويدفعه لتجاوز كل المحرمات في اعلان العلاقة مع الكيان الصهيوني، والإقدام على احتجاز أولاد عمه وأثرياء بلده لتمويل حربه الخاسرة ،ودعم خزينة الدولة المجهدة بفعل نفقات الحرب وصفقات الأسلحة والرشى العالمية للصمت إزاء ما يرتكب في اليمن سعوديا.
من المعلوم أن وزراء الحرب الذين أتوا إلى الرياض جاءوا بعقول فارغة ولاشيء سوى الصورة التذكارية مع ولي العهد السعودي يمكن الحديث به عن الاجتماع الذي خرج بتوصيات مطاطة، فلا أحد ممن جلسوا حول الطاولة بوسعه الاتيان بمعجزة في اليمن، بعد ثلاث سنوات فعل فيها كل شيء ، جلب المرتزقة من كل صقع ولون، والأدمغة العسكرية من كل أنحاء العالم كما الخزينة السعودية استنزفت، باستثناء السودان فقد نضبت موارد المرتزقة أو تكاد، والشعب السوداني لن يمكنه الصمت طويلا امام طوابير من الجنود تغادر ولاتعود.
من غير الواضح ماذا كان وزراء الحرب والدفاع للدول ال41 الإسلامية سمعوا من ابن سلمان جوابا حول سر صمود اليمنيين في جبهات القتال، وماذا كان يري في القتال على جبهات المواجهة الممتدة من باب المندب جنوبا وحتى ميدي شمالا صناعة خارجية، أو أضغاث أحلام؟! وما إذا كانوا سألوه لماذا الإصرار على الاستمرار بحرب خاسرة، على الجار اليمني المسلم، إذا كان هؤلاء يرون في الحلف كيانا يجب الحفاظ عليه، وغير ذلك فهم أتوا لمجرد تحصيل فوائد السفر وللسفر إلى قبلة ال سعودة فائدة إضافية قد لا تكون كبيرة فالوضع المالي متأزم وعلى الضيوف مراعاة ذلك.
صنعاء المفترض كونها المعنية الأولى باجتماع الحلف الإسلامي العسكري في عاصمة العدوان الأولى عليها، لاتبدي اكتراثا وترى أنه نسخة من التحالف العربي، لخوض حروب أمريكا بطلاء إسلامي هذه المرة، وتضع الامر برمته في سياق الهالة التي حاول النظام السعودي نسجها عقب صاروخ بركان H2 الذي دك مطار الرياض، وهي تدرك إن لجوء الرياض إلى كل ذلك يعبر عن خواء العقل الحربي لدى قوى العدوان وفي المقدمة السعودية، بدليل تشديد الحصار والمراهنة مجددا على حصان عاثر في الحلبة لهز دعائم الصمود اليماني، وفتح كوة للنفاذ إلى الداخل وإسقاط “طروادة”.
الإمارات الشريك الأساسي للنظام السعودي في العدوان على اليمن المرعي أمريكيا ، لايبدو حالها بأحسن من حليفها السعودي فالهواجس الإماراتية والخلافات الداخلية بين حكام الإمارات وخاصة أبو ظبي ودبي أكثر تبديا ، ولايمكن لابيات من الشعر مهداة من ابن زايد لآبن مكتوم أن تئدها وتطفىء الجمر المتقد تحت الرماد تخوفا على دبي من أن تذروها ريح تقتلع إنجازات عقود في غضون أيام.
صاروخ أبوظبي المتكتم عنه امام الشعب هناك والعالم دوى في أنحاء قصور حكام الإمارات وتناقلته الجدران وإن همسا خوف الاعتقال والتهديد، وما لم يكن محسوبا إعلان السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي قائد أنصار الله امتلاكه لتوثيق إصابة الصاروخ اليمني لهدفه في أبوظبي، والرجل يمتلك مصداقية عالية، وليس في وارد المخاطرة بها.
قطع الصاروخ اليمني للمسافة الطويلة إلى الرياض ووصوله إلى هدفه متجاوزا منظومات الباتريوت والباك3 رسالة تأكيد تسلمتها الإمارات من الطرف اليمني ، وهو عنى ذلك قطعا، وقطعت أجهزة استخباراتها جميع التكهنات، الصواريخ اليمنية حتما قادمة، وحينها سيناظر كل العالم مشهد الأبراج خالية وغير آمنة للسكن وجمع الأموال.
إظهار الإماراتيين الطامحين للعب دور في المنطقة قدر من البرجماتية الواقعية، يبدو أن هذا أوانه فالوقت ينفد، ولجوء حليفهم السعودي الى تشديد الحصار على اليمن ودفع شعبه نحو المجاعة، من غير المتوقع أن يظل اليمنيون قابعين في مساكنهم ينتظرون الموت جوعا ، والا تطير صواريخهم إلى أكثر من اتجاه لكسر طوق الحصار، خاصة وقد خبروا اثرها الشديد في عواصم العدوان ، وباتت عيون العالم مشدودة أكثر إلى المنطقة عقب الضجيج السعودي الذي ربما كان في جزء منه لصالح اليمنيين ، وتغيير النظرة العالمية للحرب في اليمن.
مراكز البحث العربية أو تلك الغربية واصوات عدة في المنطقة وفي المقدمة خطاب وليد جنبلاط الزعيم الدرزي والمعروف عنه الاطلاع على توجهات السياسة الغربية والسير وفقها تذهب جميعها إلى نصح السعوديين والإماراتيين بترك المقامرة جانبا، ووقف الحرب على اليمن، والإنصات الى كلام السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله، بترك الاستكبار جانبا، والتفكير بعمق في المفاجأة التي لا تزال بحوزة قائد المعركة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، وقد تغير مصير الحرب والمنطقة.
مائة ساعة تفصل صنعاء المنشغلة حتى الخميس لإنهاء مراسيم الاحتفاء الطويل بالموالد النبوي الشريف، مدة كافية لتعيد الرياض وأبوظبي جمع وزراء خارجية الدول الإسلامية بدلا عن وزراء الدفاع، والتوجه إلى صنعاء بدلا عن عواصم العالم برؤية واقعية لاجتراح الحل العادل، والذي لن يكون إلا سياسيا بامتياز، ولإثبات “إسلاميتها” تجاه الشعب اليمني المسلم المتحضر للاحتفال بمولد النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله، والحاضر للدفاع عن نفسه، في آن معا ..