أفق نيوز
الخبر بلا حدود

الجارديان البريطانية: الحرب على اليمن يدفع ثمنها الشعب المظلوم

153

يمانيون../

قبل عشرين عاماً، اعترف توني بلير بمسؤولية الحكومة البريطانية عن المجاعة الايرلندية التي أسفرت عن مصرع مليون شخص: كانت لفتة لابد منها، لأنه حتى بعد مرور قرن ونصف من الزمن، لم تخمد نار الألم والغضب نتيجة لذلك, بينما ظلت مسؤولية “أولئك الذين حكموا لندن” واضحة.وها نحن الآن على شفا مجاعة أخرى – و ربما الأسوأ منذ عقود، على حد قول أحد مساعدى الأمم المتحدة – ويجب على بريطانيا أن تتحمل اللوم مرة أخرى.

حيث وصفت الأمم المتحدة اليمن بأنها اسوأ أزمة إنسانية في العالم حتى من قبل أن تقرر المملكة العربية السعودية فرض حصارها بأسبوع ونصف, مانعة بذلك إدخال المساعدات الغذائية والطبية.

وقد حذر حاليا رؤساء ثلاث وكالات إغاثية رئيسية من أن الملايين على وشك الموت جوعا، وتخشى منظمة اليونيسف من أن 150 ألف طفل من الممكن أن يموتوا قبل نهاية العام. ومن المتوقع أن يتفشى مرة أخرى وباء الكوليرا الذي قد أصاب بالفعل 900 ألف شخص، بسبب نقص الوقود الذي يعطل أنظمة المياه والصرف الصحي. فعشرون مليون شخص، أي أكثر من ثلثي الشعب، في أمس الحاجة إلى المؤن الإنسانية.

الكثير من أبناء الشعب اليمني قتلوا بسبب القصف المكثف من قبل التحالف بقيادة السعودية، و دعم عسكري بالأسلحة وغيره من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أخرى. وقد اخذ هذا الصراع الرهيب وغير المجدي بُعداً جديداً نتيجة الحصار المفروض الذي يهدف إلى تجويع الناس وإخضاعهم – وهي جريمة ضد الإنسانية مألوفة بشكل مروع منذ استخدامها بشكل مستمر في سوريا وكذلك في أماكن أخرى. وان ما يجعل بريطانيا متواطأة هو دعمها القوي للرياض.

وقال السعوديون إن إغلاق الحدود بشكل كامل كان ضرورياً لمنع دخول شحنات أسلحة، بالرغم من أن الأمم المتحدة تقوم بتفتيش جميع الشحنات المتجهة لليمن، وكما أفادت لجنة التحقيق بأنه لم يتم العثور على أي دليل يدعم الادعاءات السعودية بشأن عمليات نقل الأسلحة الايرانية لليمن. وبالرغم من التخفيف الجزئي، فمازالت المساعدات الإنسانية ممنوعة من الدخول – مع استثناءات قليلة جدا في بعض المناطق التي يسيطر عليها التحالف – ويقول السعوديون إن مدينة الحديدة الساحلية الغربية الهامة لن يُستأنف فتحها حتى تكون تحت إشراف الأمم المتحدة وليس الحوثيين.

وكل ذلك يزيد بالفعل من تفاقم الحاجة الماسة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون والتحالف على حد سواء. إذ يوجد مواد غذائية في الأسواق. ولكن تكاليف الحصول عليها في ظل الحرب، انخفاض قيمة العملة، وعدم قدرة الحكومة على دفع الرواتب لمدة طويلة أو حتى الحد الأدنى من الإعاشة، لم تترك لليمنيين أي وسيلة لدفع ثمنها.

وبالتأكيد, فإن الحل النهائي سيكون سياسياً. ولكن آفاق التوصل إلى اتفاق تبدو أبعد مما كانت عليه قبل عام. فأصحاب القرار في موقع الحدث مستفيدون من الحرب، في حين أن الآخرين يموتون جوعا. إن التنافس السعودي مع إيران يزداد حدة ويتوسع.

ويعتبر محمد بن سلمان، ولي العهد الحالي الذي قاد الحملة في اليمن، هو المسيطر الأكبر في الداخل وأكثر حظاً في الخارج. ويبدو أن دونالد ترامب قد منحه الحرية للتصرف كما يشاء.

وبإصرار بريطانيا على تحالفها طويل الأمد مع المملكة العربية السعودية وتصميمها على تعزيز صادرات الأسلحة – فقد تم منح ترخيص لمبيعات أسلحة بقيمة 4.6 مليار جنيه إسترليني للرياض منذ بدء الحرب على اليمن – خاصة بالتزامن مع انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وتبدو الادعاءات بأن التدخل الغربي قد هدأ السلوك السعودي مبتذلة على نحو مستمر. فمهما كانت الضغوط التي تمارسها الحكومات سراً، فإن الرياض تعلم بأن اليمن تقع بالقرب من قائمة أولوياتها في المنطقة. فقد كانت التصريحات العلنية يرثى لها. إذ انه في حين أدانت وزارة الخارجية البريطانية محاولة الهجوم الصاروخي على الرياض في غضون ساعات وأعربت عن قلقها إزاء التقارير التي تفيد بأن إيران قد دعمت الحوثيين بصواريخ قبل ذلك بأربعة أيام، إلا أنها انتظرت عشرة أيام كاملة لمناقشة الحصار – وهذا بدوره يؤدي إلى تقليل توجيه اللوم على السعودية. وتفتخر إدارة التنمية الدولية بالمساعدات التي قد تكون مثيرة للضحك لكنها مفيدة في مثل هذه الظروف.

يتعين على بريطانيا وقف بيع الأسلحة للرياض والإعلان بصوتِ مرتفع عن ضرورة إنهاء الحصار. وأي إجراء يكون أقل من هذا سيكون خاطئاً ومخزياً فالتاريخ لن يرحم احداً.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com