الشهيد هاشم عبدالقدوس العوامي.. من جرحك النازف أزهر النصر
إعداد/ زينب الشهاري
بين جنات نهر فرحين بما أتاهم الله من الخير الوفير متنعمين فلا ألم، لا خوف، لا حزن، عرفوا معنى الحياة الدنيا أنها ليست سوى ممر إلى إحدى الدارين، فإما عذاب خالد أو نعيم مقيم، رغم كل المشاق، المكاره، العناء، التمحيص التي حفت السعادة الأبدية إلا أن محبة الله وطاعته، أسمى رضاه، أغلى سلعته، ربح لا يفنى، طمأنينة لا تبلى، هم الشهداء، أرواح من الجنات كانت بيننا لفترة ثم عادت إلى حيث تنتمي، يطيب لها المقام، نشتاق لهم، نتمنى، لكنا معهم، لذلك شحذنا الهمم، استنفرنا الجهود، رفعنا الطاقات، عزمنا أن نحذوا حذوهم، نسلك الطريق الذي أوصلهم إلى ما وصلوا إليه من الخير لنجتمع بهم في جنات الخلود بإذن الله.
الشهيد هاشم عبدالقدوس العوامي من مواليد ١٩٩٩م
كان الشهيد هاشم رحيما عطوفا معطاء، كان صغيرا في سنه كبيرا في عطائه عظيماً في خصاله.
منذ الحادية عشرة بدأ هاشم العوامي حياته الجهادية، كان ضمن الأمنيات في جامع الحشحوش أثناء التفجير الإرهابي الإجرامي، شارك في ثورة الـ٢١ من سبتمبر ضد الفساد والمفسدين العملاء، كان ممن طهر صنعاء من هؤلاء الخونة للدين والوطن، منذ بداية العدوان التحق هاشم بالجبهة، ظل ثلاثة أشهر في النهدين بعد ذلك جاء التوجيه للتحرك إلى جبهة مارب، استأذن الشهيد البطل هاشم أمه وأباه، ذهب بكل عزم وصمود وإيمان إلى الجبهة وما إن وصل هو ورفاقه حتى باغتتهم طائرات العدوان بغارة بعد أخرى، جرح البطل، لم يستطع الحراك، استشهد مجموعة من المجاهدين ممن كانوا معه، تأثر هاشم بفقد أصدقائه، بكى على فراقهم، حمل هاشم على الأكتاف، في جسده مجموعة من الشظايا، طلق ناري في ساقه أقعده في البيت لمدة شهرين حيث كان لا يستطيع المشي إلا بعكاز، بعد فترة اتصل به أصدقاؤه ليطمئنوا عليه، أحس هاشم بالغبن، ثارت دماء البطولة والشهامة في قلب ذلك البطل الشجاع الصغير، فرمى بالعكاز وعزم على الرجوع حيث يهوى، كان يمشي مترنحا عرجا لكن ذلك الجسد الصغير كان يحمل روحا جبارة لا تستسلم أو تضعف قال: ما حاجتي بهذا العكاز أصدقائي هناك يضحون بأرواحهم، يخوضون نزال الحرية والكرامة، يخطون بحبر دمائهم الملاحم البطولية، ما هي إلا أيام قليلة حتى عاد هاشم إلى المكان الذي يعشقه ويجد فيه السكن والطمأنينة الحقيقية لم يمض سوى شهرين حتى عاد هاشم للمرة الثانية جريحاً برصاصة في معصمه قد أحدثت ثقبا في يده اليمنى إثر صد زحف للأعداء.
رغم ألم جراح هاشم إلا أنه لم يترك الجهاد، ظل أمنياً في الجبهة الداخلية بعد أن شعر هاشم أنه قادر على تحريك يده، أخبر أهله أنه سوف يتحرك إلى الجبهة قالت له والدته بإشفاق حب: لا تزال تحرك أصابعك بصعوبة يا هاشم لا تستعجل …
ربما ستعيق عمل المجاهدين بإصابتك لكنه قال: لا تقلقي عليّ يا أماه سأكون بخير…
في يوم الجمعة ١٣/شعبان ، ٢٠ / ٥/ ٢٠١٦م كتب هاشم وصيته ما إن خرج من باب بيته حتى قال لأمه: (( يا أماه إن الله قد ردني إليكِ مرتين لكن لا تتساءلي لماذا لن أعود في المرة الثالثة)) فذهب مجاهدا ولم تمض إلا أيام حتى جاء نبأ استشهاده، قال أصدقاؤه إنه استبسل ونكل بأعداء الله وأن رمياته كلها كانت مسددة، استشهد هاشم في مواجهة مع الأعداء بعد رد الزحف الأول والثاني وكان استشهاده يوم الإثنين ٣٠/ ٥ / ٢٠١٦م في الـ٢٣ من شعبان في مارب صرواح.
كان أصدقاؤه في الحي يقولون له لا تذهب يا هاشم، فيرد عليهم إن ذهبتم إلى الجبهة تقاتلون أنتم توقنون بأنكم على حق وأنهم على باطل فلن تتركوا المكان أبداً، عندما ذهب إلى الجبهة أخذ كل ملابسه فتساءلت أمه عن ذلك فقال إن معظم ملابس المجاهدين متسخة… دليل ساطع على كريم بذله وعطائه وإيثاره ورحمته المنقطعة النظير،، في وصية كتبها الشهيد أخبر أهله أن لا يقرأوها إلا بعد أن يأتيهم خبر استشهاده، يقول الشهيد في وصيته:
أنا المجاهد هاشم عبدالقدوس العوامي أقول في وصيتي اللهم إني أتولاك وأتولى رسولك وأتولى من أمرتني بتوليهم من هداتك وأعلام دينك، اللهم إني أبرأ إليك من أعدائك وأعداء رسولك وأعداء الإمام علي وأعداء من أمرتني بتوليهم من هداتك وأعلام دينك، أوصي جميع اخواني وأهلي وأصحابي بتقوى الله والتحرك في هذه المسيرة بحرارة تلك التوجيهات الربانية في مسيرة أهل البيت عليهم السلام، والله إنها لهي المسيرة القرآنية مسيرة أهل البيت عليهم السلام، مسيرة من أنعم الله عليهم من المؤمنين الصديقين الشهداء.
المسيرة نجاة، فلاح، صمود لأهل اليمن خاصة وللأمة العربية الإسلامية عامة نجاة للشرق الأوسط بأكمله من أذناب اليهود والنصارى، لقد انتظرت طويلا إحدى الحسنيين النصر، العزة والكرامة والشهادة في سبيل الله هذه هي الأمنية التي يتمناها كل مؤمن، كل من يريد لقاء الله ولقاء رسوله والإمام علي وأئمة أهل البيت عليهم السلام، لا نقول لهم إلا ما قال علي ابن الحسين أبالموت تهددوننا يا أبناء الطلقاء، أما علمتم بأن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة، لا نريد ماديات، اللهم إنا نبرأ من الماديات،،، لا نريد شيئا من سبيل الله إلا ما أوتي بالرضا منهم.
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
١٧ سنة توازي أضعاف عمر الكثير من الناس إنفاقا وطاعة وجهادا أيها الشهيد العظيم هاشم العوامي، لم تثنك جراحاتك التي نلتها مرارا وتكرارا وأنت في جبهات العزة التضحية التي كنت تعود إليها أكثر شوقاً وشغفاً، لم تغتر بفسيح العمر ولا بزينة الدنيا أنت لازلت صغيراً غبطت الشهداء وأبيت إلا أن تكون واحداً منهم، وأن تنزل ضيفاً عند الله ليكرم مثواك ويحسن جزاءك ويجزل عطاءك، كنت أهلاً للفوز وكنت أهلا للاصطفاء وكان حقا على الله أن يرضيك ان تكون من الخالدين، فسلام الله عليك سلام سلاااام…