أفق نيوز
الخبر بلا حدود

ما دور اللوبي اليهودي في صناعة القرار الأمريكي؟

181

تقرير /محمد شرف الروحاني

جميعنا يعلم ان علاقة أمريكا بإسرائيل هي علاقة أكثر من خاصة لقد كانت وما تزال علاقة فريدة لا يمكن تقويضها لأنها متأصلة في اخلاق ووجدان وديانة ومعتقدات الشعب الأمريكي.

فالولايات المتحدة في الحقيقة تحكمها عائلات يهودية تمتلك اكبر الشركات وتتحكم بالاقتصاد الأمريكي والتأثير في الرأي العام الأمريكي وتوجيهه، فأكبر الشركات الإعلامية والوكالات العالمية للأخبار ملاكها يهود وبات اليهود لا يمتلكون التأثير على القرارات الأمريكية فقط وإنما يملكون السيطرة على زمام الأمور وعلى عملية صنع واتخاذ القرار الأمريكي ويجب الوقوف عند هذه النقطة بالذات فأمريكا في الحقيقة يحكمها اليهود ويسيطر اللوبي الصهيوني على القرار داخل أمريكا ومادامت أمريكا هي من تحكم العالم وتهيمن عليه فعلينا وبالذات العرب ان نفهم ان أمريكا هم اليهود وان من يسيطر على العالم اليوم ويرسمون السياسات الدولية وينشرون الفوضى والحروب في العالم هم اليهود في سبيل إعادة مملكتهم الغابرة في الزمن القديم وعودة أمجادهم وسيطرتهم على العالم حسب اعتقادهم وإزاحة أي دولة عربية تقف في وجه المشروع الصهيوني وتدميرها لاكتمال مشروع إسرائيل الكبرى وهذا ما تفعله أمريكا منذ سنين طويلة.. ولم يكن إعلان ترامب للقدس عاصمة لإسرائيل البداية ولا النهاية في مشروع إعلان إسرائيل الكبرى.

القدس عاصمة لإسرائيل

وكان الكونجرس الأمريكي قد تبنى بأغلبية كبيرة من الحزبين “قانون سفارة القدس” عام 1995م، ونص على ضرورة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في سقفٍ زمني لا يتجاوز 31 مايو 1999م. إلا أن ذلك القانون تضمن بنداً يسمح للرئيس الأمريكي بتوقيع إعفاء مدة ستة أشهر إذا رأى أنه ضروري لـ “حماية المصالح الأمنية القومية الأمريكية”. ومنذ إدارة الرئيس بيل كلينتون، والإدارات الأمريكية المتعاقبة توُقّع الإعفاء تلقائياً كل ستة أشهر، لكن إدارة الرئيس الأمريكي الحالي لم تفعل كسابقاتها بل سارعت للإعلان عن نقل السفارة إلى القدس وإعلانها عاصمة لكيان الاحتلال.

وبحسب ترامب، فإن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل هو “الشيء الصحيح الذي ينبغي فعله”. ومع ذلك فقد حرص في خطابه على تأكيد أنّ إعلانه هذا لا ينبغي أن يمس بقضايا الوضع النهائي.

وبحسب رسالة بعثتها الخارجية الأمريكية إلى سفاراتها في العواصم الأوروبية، فقد طلب من الدبلوماسيين الأمريكيين التوضيح للمسؤولين الأوروبيين “أن القدس ما زالت قضية من قضايا الوضع النهائي بين الإسرائيليين والفلسطينيين وأنه يجب على الطرفين تقرير أبعاد سيادة إسرائيل في القدس خلال مفاوضاتهم”. وهو ما أكده وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون مرةً أخرى بقوله إن الرئيس “كان واضحاً للغاية أن الوضع النهائي (بالنسبة إلى القدس) بما في ذلك الحدود سيترك للتفاوض واتخاذ القرار بين الطرفين”، وذلك في إشارة ضمنية إلى أنه يمكن تقسيم المدينة إلى عاصمتين إذا توافق الطرفان.

وعلى الرغم من محاولة الإدارة الأمريكية التقليل من خطورة القرار، فما لم يقله ترامب ولا مسؤولو إدارته هو أنّ إسرائيل ترفض منذ عام 1967م الاعتراف بحق الفلسطينيين في القدس الشرقية. كما أنّ ترامب برر قراره إعلان القدس عاصمة لإسرائيل بأنه يطبّق القانون الذي أصدره الكونجرس عام 1995م.

وينص هذا القانون على أنّ مدينة القدس “يجب أن تبقى موحدة”، و”ينبغي الاعتراف بها عاصمةً لدولة إسرائيل”، ومن هنا، يصبح أيّ حديث عن أنّ قرار ترامب لا يتضمن مصادرة لحق الفلسطينيين في مناقشة قضايا الوضع النهائي، ومن ضمنها القدس، في المفاوضات، ذرٌ للرماد في العيون، خصوصاً أنّ التقارير التي تنشر عن ملامح إطار لحل يعمل عليه فريق صهر الرئيس، جاريد كوشنر، إما أنّها تستبعد القدس الشرقية من الحل، وإمّا أنّها تدعو إلى تأجيل بحثها لسنوات قادمة، حتى لو قامت دولة فلسطينية.

ارضاء اللوبي الصهيوني في امريكا

في مارس 2016م، ألقى ترامب خطاباً أمام لجنة الشؤون العامة الأمريكية – الإسرائيلية (إيباك)، الذراع الطولَى للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، تعهّد فيه بنقل “السفارة الأمريكية إلى العاصمة الأبدية للشعب اليهودي، القدس حسب زعمه.
وبحسب تقارير مختلفة، فإنه بعد ذلك الخطاب انحاز الملياردير اليهودي، شيلدون أديلسون، مالك الكازينوهات الشهير (الذي أطلق اسمه على حيٍ في القدس الشرقية بعد الاحتلال مباشرةً)، والداعم للجمهوريين، إلى دعم حملة ترامب للرئاسة، وتبرّع بمبلغ عشرين مليون دولار إلى إحدى اللجان السياسية الانتخابية المؤيدة لترامب، ثم تبرع مرةً أخرى بقيمة مليون ونصف المليون دولار لتنظيم مؤتمر الحزب الجمهوري الذي أعلن ترامب رسمياً مرشحاً رئاسياً له.

ومنذ انتخاب ترامب رئيساً، لم يتوقف أديلسون عن تذكيره بوعده، ولم يخف تذمّره عندما خضع ترامب لضغوط مستشاريه في يونيو الماضي، وقرّر توقيع إعفاء نقل السفارة. وبحسب وسائل إعلام أمريكية، فقد دخل ترامب فجأةً إلى اجتماع كبار مستشاريه لشؤون الأمن القومي، في 27 نوفمبر 2017م، حين كانوا يناقشون موضوع تأجيل نقل السفارة مرةً أخرى من عدمه، وأبدى إصراراً على ضرورة أن يقدموا له خياراً يسمح له بالإيفاء بوعده الانتخابي، وهو ما تم بالشكل الذي صدر على الرغم من تحذيرات وزيرَي الدفاع والخارجية .

الخبث الأمريكي

لم يكن قرار الإدارة الأمريكية الاعتراف بمدينة القدس عاصمة للكيان الصهيوني مستبعداً أو مستغرباً، بل هي ترجمة حقيقية لتعاطي “واشنطن” سياسياً مع إسرائيل. بل إننا نذهب بعيداً في حال تصديق كذبة أنها خطوة مهينة للعرب والمسلمين؛ إذ أن التجربة السابقة بدايةً من هزيمة 1948م، ومن بعدها 1967م، وإحراق المسجد الأقصى وغيرها ما هي إلا تأكيد على أنّ “البيت الأبيض” سار وفق خطةٍ واضحة.

خطوة “ترامب” تلك تدفعنا بالمقابل للاعتراف بدهاء إدارته، التي استغلت انشغال الشارع العربي بحربه لإزاحة الطغاة، واستماتة قادة العرب في سبيل مقدسهم الوحيد “كرسي العرش، وتيجان الملك”. فالأبعاد الكارثية المحتملة أو التي كانت متوقعة وصل مستوى خطورتها اليوم إلى “صفر بالمائة.

الخبث الأمريكي تجلى بوضوح هذه المرة، وتميز عن الإدارات السابقة في اقتناص الفرصة الذهبية التي لن تتكرر مستقبلاً؛ مقدماً على إجراءٍ كان في أسوأ الحالات سوف يوصف بأنه استفزازي، ولعل زوال الخوف أو احتمال المخاطرة عجل بالخطوة؛ بعد أن كانت مسألةً مؤجلةً إلى حين

كما أنّ التحذيرات التي تلقاها “ترامب” من بعض النخب السياسية داخل إدارته أو خارجها، لم تجد طريقها للإصغاء، فالرجل غير معترفٍ أصلاً بحساسية الواقع والاعتبارات الجيو-سياسية. إذ لا وجود للعواقب المستقبلية في الأرض العربية المتناحرة والمنقسمة، بل لا مكان -جغرافياً وسياسياً-اليوم لاجتماعٍ طارئ لما يسمى “جامعة الدول العربية”؛ فمعظم بلدانها تعيش نزاعاتٍ بين الشارع والسلطات الديكتاتورية .

تهويد القدس

اجرائياً، كانت عملية تهويد القدس تمر عبر مراحل بطيئة، وحالة تكتيكية- سياسية، تحتاج إلى تريثٍ حصل فعلاً، بهدف توجيه مشاعر الشارع العربي-الإسلامي للرضوخ والتعامل مع المشهد النهائي بلغة فرض الأمر الواقع

أما من الناحية العملية، فليست الإدارة الأمريكية وحدها من اعترفت بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، إنما هو تحصيل حاصل أمام طغمة فاسدة من الحكام العرب التي تربعت على رقاب الناس بالإكراه الباطل، فكان المقدس عندهم شيئاً آخر. حتى صدق فيهم وصف محمد الماغوط: «قيمتان تقدسان تقديساً كاملاً من طرف حكامنا؛ الصمود والتصدي: صمود على الكراسي، والتصدي لكل من يقترب منها.

ترامب يستحق عملياً الشكر على خطوته التي عرت تلك الزعامات وفضحت مخططاً مفضوحاً بالأساس؛ وقد أكد للعالم أنه متميز، ومتعطش لتقديم إنجاز يحمل ثقلاً تاريخياً، واعياً بما يقوم أو طائشاً، المفيد أنه لم يكن ليقدم على خطوته تلك لولا وجود صفقة عربية، أو حتى ضوء أخضر وضماناتٍ قدمت في ليل يعزز ذلك تلميحات وتصريحات وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون: ((لقد أجرينا مشاورات مع عدد كبير من الأصدقاء والشركاء والحلفاء قبل اتخاذ الرئيس هذا القرار… ونحن على يقين بوجود إمكانية لتحقيق سلام طويل الأمد

يبقى “ملف القدس” مفتوحاً، وإن حاولت قوى “الشيطان” إغلاقه، فما تزال المدينة رغم كل الظروف التي تمر بالعالمين العربي والإسلامي محور الصراع، ومفتاح السلام.

يبدو أن شعار “حماقة البيت الأبيض” أو “طيش ترامب” باتت في مهب الريح، بعد أن تبين العكس تماماً؛ فنحن تاريخياً أمام استمراريةٍ واضحة لإغفاء الأمة العربية عن قضاياها المصيرية، وارتماء زعاماتها في سعير “الشعارات” الرنانة ليتم لهم لجم الشعوب.

في قضية “القدس”، خلت الساحة خلال عقودٍ ماضية من المعارضين لتهويدها تدريجياً والغيبوبة السياسية التي تعانيها الأمة، كلها شكلت عاملاً جديراً برسم خارطة المنطقة على ما ترتاح له “واشنطن-إسرائيل.

تقويض عملية السلام في المنطقة، خطوة بدأت تسير في هذا الاتجاه، ونسف حل الدولتين الذي ترفضه غالبية الشعوب العربية، صيغةٌ عبثية سبق أن دفنتها حكومة الكيان الصهيوني؛ عبر تحويل المفاوضات إلى مماحكة سياسية.

النتيجة النهائية أن القرار الأمريكي بحق القدس وعملية تهويدها، تكشف إفلاس الزعماء العرب، لكن هل تتيح أمام الشعوب العربية فرصة ذهبية أيضاً للتحرك؟ قد يبدو الأمر شبه مستحيل.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com